الثلاثاء، 19 يوليو 2011

مذكرة تخرج بموضوع رقمنة المخطوطات بإقليم توات خزانة الشرفاء الاسماعيليين نموذجا

إن العالم اليوم يعيش في تطور علمي وتكنولوجي مذهل وهذا بسبب فعالية أساليب الحياة في كافة المجتمعات المعاصرة، وقد ساهمت تكنولوجيا المعلومات تحديدا في هذا التطور عن طريق تسهيل سرعة البحث عن المعلومات، وتجميعها ومعالجتها واستخدامها في كافة العمليات لمواجهة الاحتياجات الإنسانية المعاصرة في هذه الحياة،وكما يمكن القول إن المجتمع المعلوماتي هو الذي طرح معطيات ومفاهيم وقواعد جديدة،وفرض علينا تحديات قياسية وتنبأ بصراعات جديدة، وأبرز لنا أهمية المعرفة واللغة والثقافة.

ثم أصبح تنظيم تدفق المعلومات يمثل أهم ضمانات الاستثمار لصالح المجتمع الذي أصبح الاتجاه المستمر والمتفق فيه نحو الاستخدام الآلي والرقمي في انجاز أنشطة للقيام بمجتمع جديد هو المجتمع الرقمي، حيث انطلقت على عدة مستويات وبالخصوص على مستوى المخطوطات، وفي جميع أنحاء العالم عملية إنشاء نسخ رقمية عن المخطوطات والتي تعمل على حفظ وإتاحة التراث المخطوط.

وبظهور هذه التكنولوجيات الحديثة كثر الاهتمام بالمخطوطات، حيث أصبحت محل تفكير الكثير من الباحثين والدارسين في هذا الإطار، وبإدخال تكنولوجيا المعلومات الحديثة عليها من خلال صيانتها وترميمها فهرستها وتصنيفها ورقمنتها ازدادت أهميتها ودورها في حفظ وبث وإتاحة المخطوطات بشكل أفضل، مما جعل معظم دول أنحاء العالم تقوم بمشاريع رقمنة هذا الرصيد المخطوط الخاص وحفظه وإتاحته وبثه، للاطلاع الآلي بأفضل وأسرع طريقة ممكنة للمستفيد والمستهلك عن طريق الإعلام الآلي.

الإشكالية:

شهد قطاع المخطوطات منذ اكتشاف الكتابة سنة 3200 ق.م تطورات في شتى جوانبه سواء من ناحية تطور حروف الكتابة واختلاف لغتها بحسب العصور والأمم، أو من خلال تطور واختلاف الحوامل التي كتب عليها على ما يناسب تلك العصور والأمم أو من خلال ما تتضمنه من معلومات ففي أوائل استخدام الكتابة كانت معلوماتها عبارة عن رموز ذات دلالة تفاعلية بين أفراد المجتمع ومحيطهم، وأصبحت إحصائيات بالنسبة للحضارة الفرعونية والبابلية والإغريقية، حتى أصبحت حكرا على رجال الدين والسلطة بالنسبة لليهود والنصارى، ولم يكن للعرب حظ كبير في ذلك إلا ما استعمل في الشعر أو بعض العقود والمعاهدات وقد اشتغل المسلمين بتدوين المخطوطات عبادة لله متمثلة في نشر وتعليم تعاليم الدين الحنيف وقيمه في شتى البقاع التي حكموها، أما بالنسبة للغرب فلم يختلف حالهم على ما كان لدى اليهود والنصارى.

وبما أن المخطوط كتب في حوامل كان لابد من الحفاظ عليه لما له من أهمية في حياة المجتمع وتعاملات أفراده، فكانت تجمع في أماكن مخصصة ولربما تحجب عن عموم الناس وقد عرفت هذه الأماكن عند العرب المسلمين حاليا بالخزانات أو الخزائن الشعبية والجزائر كباقي البلاد العربية الإسلامية زخرت بالعديد من هذه الخزائن بشتى ربوعها من مشرقها إلى مغربها ومن شمالها إلى جنوبها، ولعل أشهر هذه الخزانات ارتكزت في الصحراء عامة وولاية ادرار خاصة، حيث احتوت على 28 خزانة بإقليم توات لوحده ولم تعد هذه الخزائن الطريقة الوحيدة الأنسب لحفظ المخطوطات وإتاحتها للباحثين فقامت الدولة بإنشاء مركز وطني للمخطوطات بولاية ادرار تابع للمكتبة الوطنية(الحامة) من اجل جمع ومعالجة وإتاحة هذه المخطوطات وهو ما استدعى استخدام طرق تكنولوجية حديثة بالضرورة تخدم هذا الهدف وقد جاءت الرقمنة كآخر تقنية تكنولوجية حديثة في هذا المقام باختلاف أنواعها ووسائلها من اجل حفظ المخطوطات من جهة وحماية الباحثين منها من جهة أخرى.

تساؤلات الدراسة:

ومن هذه المعطيات العلمية نقف على التساؤلات التالية:

ما مدى مساهمة الرقمنة كتقنية تكنولوجية حديثة في الحفاظ على مخطوطات الخزائن الشعبية وإتاحتها للباحثين بإقليم توات وخزانة الشرفاء الإسماعيليين على وجه الخصوص؟

التساؤلات الفرعية:

هذا التساؤل تندرج تحته مجموعة من التساؤلات الفرعية تتمثل في:

- ما هي أنواع الرقمنة ؟ وأيها انسب للمخطوطات؟

- ما هي متطلبات رقمنة مخطوطات الخزائن الشعبية وخزانة الشرفاء الاسماعيليين خصوصا؟

- ما هي أسباب رقمنة مخطوطات الخزائن الشعبية وخزانة الشرفاء الاسماعيليين خصوصا؟

فرضيــات الدراسة:

من أهم الفرضيات التي يمكن ذكرها من خلال هذا الموضوع تتمثل عموما في:

الفرضية الرئيسية:

مساهمة الرقمنة في حفظ وإتاحة مخطوطات الخزائن الشعبية وتوفير المخطوط في شكل سهل التناول والمنال.

الفرضيات الفرعية:

هذه الفرضية الرئيسية تندرج تحتها مجموعة من الفرضيات الفرعية تتمثل في:

وبعض الفرضيات الجزئية والتي تتمثل في:

* للرقمنة عدة أنواع وتختلف باختلاف نوعية الوثيقة.

* تحتاج الرقمنة في الخزائن الشعبية وخصوصا خزانة الاسماعيليين بزاوية كنتة إلى عدة متطلبات.

* هناك ضرورة ملحة على إتاحة المخطوطات بالخزائن الشعبية وخصوصا خزانة الاسماعيليين بزاوية كنتة.

أسباب اختيار موضوع الدراسة:

تتمثل الدوافع التي أدت بنا إلى اختيار موضوع الدراسة فيما يلي :

- القيمة العلمية والتاريخية والفنية للمخطوطات.

- التعريف بالإنتاج الفكري الذي تركه الأولون وبعثه من جديد ليؤدي مهمته العلمية والفكرية في المجتمع.

- الكم الهائل الذي تكتسبه الجزائر من المخطوطات خاصة في الصحراء مما يؤدي بالضرورة إلى الكشف عنه والاهتمام به، وإتاحته للباحثين والدارسين للاستفادة منه .

- الحاجة إلى دراسة رقمنة المخطوطات والوصول إلى المعلومات المكدسة بها في أقل جهد وأسرع وقت.

أهميـة الدراســة:

وتتمثل أهمية الدراسة في كيفية الحفاظ على المخطوطات وإتاحتها من خلال تطبيق تقنيات الرقمنة كوسيلة تكنولوجية حديثة للحفاظ على التراث المخطوط، كما تمثل هذه العملية انجازا علميا في مسايرة التطور التكنولوجي، وفتح آفاق كبيرة في البحث العلمي والغرض من ذلك توسيع مجال الدراسة لعلم المخطوطات، بطريقة سهلة وبسيطة، وفي أقصر وقت ممكن، وطي المسافات عبر الإتاحة عن طريق شبكة الانترنت، وبذلك الحفاظ على المخطوط الأصل من الضياع، لما يكتسيه هذا الرصيد من أهمية بالضرورة.

أهداف الدراسة:

تهدف الدراسة إلى التعريف بعملية الرقمنة، وسبل الحفاظ على المخطوطات عن طريق الإتاحة الالكترونية للمخطوط بالنسبة للباحثين، وأيضا تقليل الجهد في الحصول على المخطوط بواسطة عملية البث الالكتروني والافتراضي، ورفع اللبس عن العقم في تناول المخطوط بالطريقة التقليدية العادية دون اللجوء إلى تسليط التكنولوجيات عليه، وإنقاذ المخطوطات من ظلام الأرضة والقوارض والحشرات داخل الخزانات إلى نور الاستعمال داخل وخارج الوطن من طرف الباحثين، ومع الأخذ أيضا بعين الاعتبار أهم التقنيات المتبعة في رقمنة المخطوطات، وتثبيت الجودة بها.

منهجية الدراسة:

استخدمنا في هذه الدراسة المنهج الوصفي التحليلي والذي يتطلب منا وصف خصائص وإبعاد ظاهرة ما في إطار يتم من خلاله تجميع المعلومات والبيانات والتي يتحكم فيها وبالتالي استخلاص نتائج يمكن تعميمها مستقبلا، وقد استخدمنا المنهج الوصفي التحليلي في وصف المخطوطات العربية ونشأتها وتطورها، بالإضافة إلى الرقمنة وأنواعها ومتطلباتها.

استخدمنا في الدراسة الميدانية كلا من:

*الملاحظة للخزانة واخذ نماذج لبعض المخطوطات والصفحات كعملية رقمنة، وإظهار الرصيد، إذ لاحظنا من خلال ذلك ضرورة الاهتمام من طرف الدولة بالتدخل السريع لإنقاذ مخطوطات الخزائن الشعبية حتى لا تضيع وتذهب هباء منثورا مع مؤلفيها، حيث أن هذه الخزائن لا تتوفر على أدنى شروط الحفظ الحديثة.

*ومن خلال المقابلة مع مسؤول الخزانة في اخذ بعض المعلومات الضرورية عنها وخصوصا فيما يخص إن كانت قد مرت بمشروع رقمنة، سواء اقتراح مطروح، أو مشروع فعلي، بحصر ذلك في تسليط التكنولوجية الحديثة على هذا التراث الضائع.

كأدوات لجمع بيانات الدراسة الميدانية.

ولقد ضمت دراستنا 03 فصول:

الفصل الأول المخطوط نشأته وتطوره، قمنا بتقسيمه إلى 04 مباحث تطرقنا في المبحث الأول إلى مفهوم المخطوط لغة واصطلاحا بينما في المبحث الثاني تناولنا أنواع المخطوطات بصفة عامة أما في المبحث الثالث تكلمنا عن نشأة وتطور المخطوط وأخيرا في المبحث الرابع تناولنا أهمية المخطوط على الحضارة الانسانية.

الفصل الثاني كان بعنوان الرقمنة قمنا بتقسيمه إلى مبحثين، المبحث الأول تناولنا من خلاله إلى ماهية الرقمنة أما المبحث الثاني متطلبات ومراحل وأهداف وايجابيات وسلبيات رقمنة المخطوطات.

الفصل الثالث تعرضنا فيه إلى عدة نقاط، التعريف ونشأة منطقة توات وكذلك التعريف ببلدية زاوية كنتة، بالإضافة إلى مجال الدراسة وانطلقنا في التعريف بخزانة الشرفاء الاسماعيليين والمشرف عليها وموقع الخزانة في قصر زاوية كنتة وكذلك تعرضنا إلى حالة المخطوطات بهذه الخزانة والمشاكل التي تعاني منها بالإضافة إلى طريقة الاطلاع على هذه الخزانة وكيفية رقمنة المخطوطات بالخزانة وأسباب رقمنة المخطوطات بالإضافة إلى متطلبات الرقمنة بالخزانة وايجابيات الرقمنة والصعوبات التي تلقينها في رقمنة المخطوطات وأخيرا خلصنا إلى مجموعة من التوصيات.

الصعوبات التي واجهتنا في الدراسة:

لقد واجهتنا عدة صعوبات خلال زيارتنا لخزانة الشرفاء بإقليم توات خصوصا وكذلك فيما يخص الدراسة بشكل عام تمثلت مجملها في:

· قلة المصادر والمراجع فيما يخص موضوع رقمنة المخطوطات والقيام بإسقاطات على الموضوع وذلك من خلال مواضيع تعالج الرقمنة وخاصة الأرشيف.

· امتناع بعض المشرفين على الخزائن الشعبية في إعطاء ولو معلومة عن خزائنهم وذلك بالتهرب من المواجهة والإقبال على الباحثين خوفا من تضرر المخطوطات وإتلافها أو سرقتها بالأحرى.

· وجدنا صعوبة في تناول وسائل أكثر حداثة لعملية التصوير للمخطوطات بالخزانة النموذج، لأنها مكلفة جدا من جهة، ومن جهة أخرى لان المخطوط يتضرر من الأشعة الليزرية التي تحدث تفاعلات كيميائية على المخطوط.

· التأثر بالجو الموجود بالخزانة من رائحة المخطوطات التي تصيب بالزكام، رغم التحفظ الشديد في لمس المخطوط بكثرة.

· التشدد في وجهة نظر بعض المشرفين على الخزائن الشعبية، في أن المخطوطات الموجودة بخزانته لمالكها الذي ورثها عنه ولا يجب الإطلاع عليها، خوفا من ضياعها وسرقتها هذا من جهة، ومن جهة أخرى لأنه لم يعطه إذن بالإطلاع عليها من طرف الخارجين غير أبناء العائلة مثلا.

· تحفظ بعض المشرفين في عرض مخطوطاتهم لأنها تحتوي على وثائق شخصية لأهل المنطقة، لا يجب الإطلاع عليها من طرف المعني بها مقدما عن سابقيهم ومخطوطات أخرى لو ظهرت أو علم بها، يحدث خلاف كبير في البلد وتشتت وحدته لأنها تحتوي على معلومات حساسة عن قسمة الأراضي والميراث والنسب.

· تماطل وتواني بعض أصحاب الخزائن الشعبية في تلبية رغبات واحتياجات الباحثين، مما فرض عدم إكمال البحوث والدراسات عليها، وأيضا فرص الحفظ أكثر والإتاحة.

مصطلحات الدراسة:

المخطوط:

والمقصود به السند الذي تقام علية تقنية الرقمنة كوسيلة تكنولوجية، والذي يعرف بأنه كل كتاب كان فيه أثر يد صاحبه مخطوطا يحمل صفة البساطة، ويحمل محتوى ثقافي بشري بين جوانبه. حيث يعد من الأسباب التي جعلت من ظهور الرقمنة ضمن إطار التطور التكنولوجي الحديث، إذ يتلقى من الباحثين وافر الاهتمام.

الرقمنة:

وتمثل الموضوع الخاص بالدراسة بتطبيقها على المخطوط، بحيث من ذلك يكون تجربة أو مشروع الرقمنة والذي من شأنه صنع طريق للوصول إليه نحو إنشاء مكتبة رقمية على شبكة الواب. إذ لا يكون هذا بالضرورة إلا بإتباع جزئيات عملية الرقمنة على المخطوط، ليحول بعد ذلك من مخطوط تقليدي إلى مخطوط رقمي.

المخطوط الرقمي:

المخطوط الرقمي، هي المخطوط الذي تم تحويله، من الشكل التقليدي (الورق- البردي- الجلود- الأحجار) إلى الشكل الرقمي (الأقراص بأنواعها-والحوامل الالكترونية الأخرى) عن طريق عملية الرقمنة (على شكل نص أو على شكل صورة) بغض النظر، عن وسيلة التحويل، سواء أكانت بالتصوير أو المسح الضوئي scanningأو بإعادة الإدخال، فنتحصل على مخطوطات مرقمنة، وبالتالي رقمية، حيث أنه لا يمكن أن نتصور مخطوطا، أنتج بصفة رقمية.